الملامح الحضارية لمختلف الشعوب هي ثمرة لإجتهادات فكرية إيجابية كانت أو سلبية, وهي تعكس قدرة التجمعات البشرية في التعامل مع المتغيرات المحيطة و المتطلبات الداخلية و تظهر قدرتها على تعديل و معالجة الجانب السلبي منها دون الاكتفاء بالتستر عليها و توريثها للأجيال القادمة.
تتشكل الملامح الحضارية العامة لأي مجتمع من نمطية تفكير أفراده و حجم الترسبات الفكرية الموروثة و مدى قدرة تلك الأفكار على تقييد حركة أفراده الإبداعية و الفكرية, وهذة واحدة من أهم العراقيل التي تواجه مجتمعات العالم الثالث, فإزالة تلك العوائق الفكرية الموروثة هي شرط أساسي للحصول على الحرية المطلقة من المجتمع بل من الفرد نفسه, فالحرية هي التربة المناسبة التي تغذي أوردة و شرايين العقل المبدع ولا إبداع بدون حرية كاملة.
و تمثل الأفكار الموروثة أو المتوارثة أين كانت هويتها كحكومات ديكتاتورية صغيرة داخل أدمغة أفراد المجتمعات المتخلفة و هي ما يجب عليهم تغييرها أولا لإعطاء مجال أوسع للعقل للتفكير بدون تحديد سقف معين أو شروط مسبقة أو أحكام مسلم بها سيحرك العجلة الحضارية من جديد بعد استنهاض المجتمع المغيب فكريا, فالمجتمعات التي لا تمتلك الحرية المطلقة لا تستطيع تحديد أو رسم مسارها و تشكيل كيان حضاري منافس بل هي مجتمعات لازالت وريثة لأفكار حقب زمنية سابقة و تبحث ما تخبئه الرمال تحتها من تاريخ و أفكار لتزيد من قوتها الوهمية و إشباع رغبات أفرادة.
تتسم المجتمعات المتخلفة بالعالم الثالث بالتوحد الفكري وهي الأفكار التي يجمعون عليها و يفرضونها على البقية, و يعتبر هامش الحرية الفكرية التي يعطيها الأفراد للطرف الآخر أو المجتمع بشكل عام لأفراده هو الهامش الفكري التي يتقبلها هو نفسه أو التي لا تعارض أفكاره و التي تشكل في معضمها من مطابخ فكرية جاهزة و غالبا ما تكون متوارثة أو تشكلت في سياق الأنضمة الإجتماعية المعاشة , وهامش الحرية هذا لا يعتبر من الحرية الفكرية بل نقاشات جانبية لعناوين لا تستطيع الأدمغة المساس بها.
الأفكار الإيجابية و السلبية تختلف من مجتمع إلى آخر, فما هو سلبي في مجتمع ما قد يكون طبيعي أو إيجابي في مجتمع آخر و الحكم على مقدرة الأفكار الإيجابية بالتغير إلى الأفضل أو بما هو مفيد ليست بإخضاعها أو الحكم عليها من الجانب النفسي أو التاريجي بل بدراسة نتائجها و تقيمها عمليا بعيدا عن العواطف و الرغبات الشخصية.
المستوى الثقافي الحضاري لأفراد أي مجتمع هو معيار هام جدا لوضع لبنات سليمة لبناء حضارة بشرية تستطيع تقديم شيا ما وقد تكون أهم مميزات أفراد المجتمعات المثقفة الحرة هي ظهور حس حضاري تفاعلي بين الفرد و المجتمع و انعكاس هذا التفاعل على أرض الواقع من خلال المساحة الجغرافية للمجتمع و التجمعات البشرية لتلك الحضارة و التي تساهم بعملية التطوير و التنافس مع المجتمعات الأخرى و هذا التفاعل المتولد من المستوى الثقافي تفتقدها الشعوب غير المثقفة و التي لا زالت تنظر إلى الحياة بمنظورة الذاتي الفردي بسبب انهيار أسس التفاعل الاجتماعي و محدودية تقبل الأفكار و الحكم المسبق لما هو إيجابي و سلبي و انتشار الإشارات الحمراء لخط سير الأفكار فالثقافة الحضارية ليست محصورة بالتحصيل العلمي فقط بل تشمل عدة جوانب مرتبطة معا كالجانب الإيماني و النفسي و الاجتماعي و الاقتصادي و السياسي.
لا يوجد نص معين لنمو حضارة أو بروزها ولكن توجد عوامل و قيم مشتركة نستطيع دراستها من جديد حتى نشكل رقم إنساني ضمن تلك التجمعات التي سبقتنا بمراحل دون الاكتفاء بالنظر إليهم و تحليلهم الخطوة الإيجابية التي سنبدأ معها للانطلاق هي صيانة الحرية الشخصية كقيمة عظيمة لكل فرد حتى و إن تعارضت مع الأغلبية, يجب أن نبدأ بتقديس ذواتنا و عقولنا و أن تقوم الحضارة التي تهدف إلى نفض الغبار من على عاتقها بحماية أفرادها كأساس للتنمية.
و بالنهاية, لا أريد أن يدخل اليأس إلى قلوبكم ولكن الحقيقة تقال بأن لا وجود لأي نور على المدى المنظور في النفق الذي يقبع بة العالم الثالث و لكن بصيص الأمل لا يجب أن يغادر مخيلتكم كأحد أسباب التغيير إلى الأفضل.
نقطة أخيرة : الركل العشوائي للكرة سيوجهها بأتجاة عشوائي على افتراض بأن التنمية هي الكرة المشار إليها حتى و إن كانت النوايا صادقة لتسجيل هدف ما.
للأمانة منقول \ بسبب أهمية هذا الطرح و إحتوائة على معلومات قيمة جدا و أتمنى الإستفادة .
0 comments:
إرسال تعليق