الحُبّ ُ: هو شعور بالانجذاب والإعجاب نحو شخص ما، أو شيء ما، وقد ينظر إليه على أنه كيمياء متبادلة بين إثنين، ومن المعروف أن الجسم يفرز هرمون الأوكسيتوسين المعروف بـ "هرمون المحبين" أثناء اللقاء بين المحبين.
وتم تعريف كلمة حب لغوياً بأنها تضم معاني الغرام والعله وبذور النبات, ويوجد تشابه بين المعاني الثلاث بالرغم من تباعدها ظاهرياً..فكثيراً ما يشبّهون الحب بالداء أو العله، وكثيرا أيضاً ما يشبه المحبون الحب ببذور النباتات.
أما غرام، فهي تعني حرفياً : التَعلُّق بالشيء تَعلُّقاً لا يُستطاع التَخلّص منه. وتعني أيضاً "العذاب الدائم الملازم" والمغرم : المولع بالشيء لا يصبر على مفارقته. وأُغرم بالشيء : أولع به. فهو مُغرم.
معنى الحـب وأصل اشتقاقه
قيل : إنه مأخوذ من الحُباب وهو الذي يعلو الماء عند المطر الشديد. فكأنَّ غليان القلب
وثوراته عند الاضطرام والاهتياج إلى لقاء المحبوب يُشبه ذلك. وقيل : مشتقة
من الثبات والالتزام، ومنه : أَحَبَّ البعير، إذا برك فلم يقُمْ، لأن
المحبَّ لزم قلبه محبوبه. وقيل : النقيض، أي مأخوذة من القلق والاضطراب، ومنه سُمى (القرط) حبّاً لقلقه في الأذن،قال الشاعر : تبيتُ الحية النّضْناض منه مكان الحَبِّ تستمع السِّرارا وقيل : بل هي مأخوذة من الحُبِّ جمع حُبَّة وهي لباب الشيء وأصله ؛ لأن القلب أصل كيان الإنسان ولُبّه، ومستودع الحُبِّ ومكمنه. وقيل : في أصل الاشتقاق كثير غير هذا، لكننا نعزف عن الإطالة والإسهاب. ولتعريف الماهية نقول إن الحب هو: الميْل الدائم بالقلب الهائم، وإيثار المحبوب على جميع المصحوب، وموافقة الحبيب حضوراً وغياباً، وإيثار ما يريده المحبوب على ما عداه، والطواعية الكاملة، والذكر الدائم وعدم السلوان، قال الشاعر:
ومَنْ كان من طول الهوى ذاق سُلْوَةً | فإنِّيَ من ليْلى لها غيرُ ذائقِ |
وأكثر شيء نِلتـُهُ من وصالها | أَمانِيُّ لم تصدُق كلَمْعةِ بارقِ |
يا مقيماً في خاطري وجَناني | وبعيداً عن ناظري وعِياني |
أنت روحي إن كنتُ لستُ أراها | فهي أدنى إليّ من كُلِّ دانِ |
خيالك في عيني، وذكراك في فمي | ونجواك في قلبي، فأيْن تغيبُ ؟! |
لكن بعد هده المقدمة الطويلة عن الحب هل الحب هو حب الدات و حب الأشخاص و حب الأشياء و المال ؟!
إن
الإنسان بجملَّتِه يحب نفسَه وبقاءه وكماله، ويحب بطبعه مَن أحسن إليه،
وهذا يقتضي غاية المحبة لله - عز وجل - إذ كيف يتصور أن يحب الإنسانُ نفسه
ولا يحب ربَّه الذي به قوام نفسه، ومنه وجوده، ودوامه، وكماله؟! ثم كيف
يتصور أن يحب الإنسان مَن أحسن إليه من الناس، ولا يحب مَن أنواعُ إحسانه
لا يحيط بها حصر؟! قال - تعالى -: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} [النحل: 53].
يقول الإمام الغزالي: "بيان ذلك: أنَّا نفرض أن شخصًا أنعم عليكَ بجميع خزائنه وما يملك، ومكَّنكَ فيها لتتصرَّف كيف شئتَ، فإنك تظن أن هذا الإحسان منه، وهو غلط، فإنه إنما تم إحسانه بماله، وبقدرته على المال، وبداعيته الباعثة له على صرف المال، فمَن الذي أنعم بخلقه، وخلق ماله، وخلق إرادته وداعيته؟! ومَن الذي حبَّبك إليه، وصرف وجهَه إليك، وألقى في نفسه أن صلاح دينه ودنياه في الإحسان إليك، ولولا ذلك ما أعطاك؟! فكأنه صار مقهورًا في التسليم لا يستطيع مخالفته، فالمحسن هو الذي اضطره وسخَّره لك". فهل استشعر قلبُك حبَّ الله؟! إن حب الله لا يقوى في القلب إلا بتفريغ القلب مما سوى الله، وبقطع علائق الدنيا والمخلوقين؛ إذ كيف يقوى حبُّك لله وقلبُك معلَّق بالدنيا وما فيها، أو معلق بخلق من خلقه؟ وكيف يستوي حب الله في قلبك مع حب المخلوقين؟! فأنت إن دعوتَ الله لبَّاك، وإن طلبتَ منه أعطاك، وابنُ آدم إن طلبتَ منه شيئًا غضب وما عاد يريك وجهه، وتولى عنك كأنه لا يعرفك! فالله هو الكريم، وهو المعطي، وهو الرحيم؛ بل كما قال - عليه الصلاة والسلام -: ((لَلَّهُ أرحمُ بعباده من هذه بولدها))؛ (صحيح، البخاري، "الجامع الصحيح": 5999). والله يغفر ويصفح، ويعفو ويستر، ولكن ابن آدم لو كان الأمر بيده، ما أدخل أحدُنا أخاه الجنةَ! فالإنسان بخيل حتى بالرحمة، وهذه جبلَّته؛ {وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا} [الإسراء: 100]. هذه الآية وردتْ في سياق الحديث عن الرحمة؛ ولذلك مَن أراد الحج، وجب عليه استسماحُ الناس، فحقوق العباد مبنيَّة على المشاححة، وأما الله، فهو العفوُّ، واسع المغفرة، وقابل التوبة، يضاعِف الحسنات، ويغفر الزلاَّت، ويكشف ضرَّنا بعد كربنا، وهو ثقتنا ورجاؤنا، فيا ربنا، لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه.
أَوَبعدَ هذا، لا يملأ قلبَك حبُّ الله؟! للأمانة منقول 1 2 |
0 comments:
إرسال تعليق